أعلن مسئولو إغاثة، أن الأمهات تضطر لترك أطفالهن الذين لقوا حتفهم أو يحتضرون على جنبات الطرق، وهناك حاجة لنحو مليار دولار أخرى للتعامل مع الوضع
ملخص المقال
المعارك التي دارت رحاها حول مدينة كيسمايو الإستراتيجية في الصومال تمثل فصلا جديدا من فصول الأزمة الصومالية.. كيف ذلك؟ وما طبيعة الأزمة في الصومال؟المعارك التي دارت رحاها حول مدينة كيسمايو الإستراتيجية في الصومال بين قوات شباب المجاهدين والقوات الكينية العاملة ضمن قوات الاتحاد الإفريقي، وما تردد عن استيلاء تلك القوات على المدينة، تمثل فصلاً جديدًا من فصول الأزمة الصومالية؛ فالتطور الحاصل في الصومال هو في توفر رغبة دوليّة الآن في إيجاد صومال تابع للمنظومة الغربية، يقبل بما تمليه عليه بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
لم تكن تلك الرغبة أو الإرادة في "حل" الأزمة الصومالية بالطريقة الغربية قد نضجت على هذا النحو إلا بعد أن أسهم أمراء الحرب في الصومال في دفع قطاعات من أبناء الصومال إلى القبول حتى بالمحتل؛ من أجل الخلاص من حالة الحرب المزمنة التي قتلت كل شيء في الصومال!
إن ثمة تحولاً واضحًا في نفسيَّة طائفة من الصوماليين دفعتهم إلى القبول بسياسة الأمر الواقع التي تجسد شكلاً من أشكال الاحتلال المقنع للبلاد، تحت لافتة الاتحاد الإفريقي التي تسيطر قواته الموالية للغرب على معظم أنحاء البلاد، ولم تكن تلك النفسيَّة تتيح لبعض الصوماليين للقبول بالصيغة الحالية للحكم التي تعتمد بصورة شبه كلية على قوات أجنبية، تنتمي بعض كتائبها إلى دول احتلال تقليدية للصومال، وقد كان المألوف دومًا أن يهبّ الصوماليون دفعة واحدة للتصدي لأي عدوان خارجي، غير أن البعض في الصومال لم يعد يعتبره "عدوانًا خارجيًّا"، وإنما أقل الأضرار المترتبة على حالة الفوضى التي عاشتها البلاد.
الصومال اليوم يعاد تأهيله للاستعداد لوصول معدات التنقيب الغربية عن النفط التي أعطت مؤشرات كبيرة فتحت شهيّة بعض القوى الدولية إلى العمل على تهدئة جبهات القتال، وفرض إرادة غربية على الشعب الصومالي؛ فعشرات المليارات من الدولارات يمكنها أن تتدفق من عوائد نفط وغاز أعطت مؤشرات إيجابية جدًّا، ودفعت دولاً كبريطانيا إلى العمل على تهيئة المناخ الأمني لعمل تلك الشركات.
والصوماليون يعانون من لأواء الفقر والجهل والبطالة، التي جعلت 73% من أبناء البلاد يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، ويعاني 61% من الشعب الصومالي من البطالة.
لدى بعض "حسني النيّة" في منظومة الحكم الصومالي ما يجعلهم يقبلون بالأجنبي تطلعًا لمرحلة من الاستقلال يصعب أن تكون، لا سيما حين يتصورون أن بناء جيش صومالي قويّ سيوفر للبلاد شيئًا من الاستقلال، لكنهم بالتأكيد سيصطدمون برغبات كتائب قوات أجنبية لم تقاتل في الصومال كل هذا الوقت باعتبارها "جمعية خيرية"، وإنما لدى هؤلاء ما حفّزهم على القتال لدوافع مختلفة، قد يكون من بينها تأمين حدودها، لكنها بالنهاية تصبّ في صالح الأوربيين، المحتل الأصلي للبلاد.
وهؤلاء يضعون في اعتبارهم أنه في ظل الأزمة الصومالية الطاحنة التي أكلت الأخضر واليابس وقوضت الاقتصاد والأمن والتعليم والصحة وغيرها، لم يعد بدّ من التعامل بهذه السياسة ما دام لا يرون غيرها متاحًا، والواقع أن الفصائل التي تقاتلت في الصومال خلال السنوات الأخيرة كانت مسئولة بدرجة ما عن تردي الوضع ووصوله إلى هذه المحطة التي يجد الصوماليون أنفسهم فيها محشورين بين خيارين أحلاهما مرّ، ما بين حالة حرب لا تنتهي حتى لو كانت حرب استقلال في نظر البعض، وحالة استقرار يبدو هشًّا وزائفًا إلى حد ما، لكنه يوفر قدرًا -ولو محدودًا- من الأمان لأبناء الشعب.
وبعض "حسني النية" أيضًا من المقاتلين حتى آخر رمق يطمحون إلى تحرير الصومال من التبعية بأي ثمن، ويعتبرون أنهم قادرون على إلحاق الضرر بأعدائهم، وأنهم الأجدر بتوفير الأمن للصوماليين، وأن ما يتطلعون إليه جدير باستمرار المعارك حتى "نصر" لا تبدو ملامحه بادية للعيان.
المصدر: موقع المسلم.
التعليقات
إرسال تعليقك