بدأ ابن باديس إصلاحه سهلا لينا وانتهى صارما ممتنعا على نحو لم يفطن له المستعمر أول الأمر، إنه الرجل السهل الممتنع
ملخص المقال
غثائية واقع مقال بقلم الدكتور محمد العبدة، فما هي أسباب الغثائية التي تعيش فيها الأمة؟ وكيف العلاج من هذه الغثائية المقيتة؟
سيل يجرف غثاء، مثالٌ لا أبلغ منه في تصوير واقع المسلمين اليوم. ليس لهم حضور ولا شهود, كثرة عددية ولكن لا مهابة، غثائية في سذاجة التفكير، وضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقلة المعرفة بالأعداء، وقلة الاستعداد.. هذا بشكل عام، رغم وجود الخيرية في كثيرٍ من الأفراد والهيئات والجماعات.
أسباب كثيرة لهذه الغثائية، ولكن الرسول r أشار إلى السبب الأول والسبب الأهم لهذا المرض الذي يصيب الأمة رغم الكثرة العددية التي لا تجدي شيئًا ولا تنفع شيئًا؛ إنه الوهن وسببه: حب الدنيا وكراهية الموت.
هل معنى هذا أن لا يباشر المسلم الدنيا، ويملك المال والقوة لإقامة الدين وإقامة العدل، مع أن هذا مطلوب شرعًا، أم التحذير هو في الحرص على الحياة -أي حياة- ولو كانت حياة الذل والخنوع، وتفضيل هذا العيش الذليل والرضا به خوفًا من الموت وخوفًا من الجهاد في سبيل الله والتعرض للمخاطر؟! ولا شك أن هذا هو المقصود بالتحذير، وقد جاء في الحديث أن "الغنى غنى النفس". إذن، فالفقر هو فقر القلب عندما يذله الحرص.
المذموم في حب الدنيا هو الجشع والاكتناز، والترف، وحب المظاهر والعلو في البنيان، والتلذذ بالمطاعم والملابس "تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار". وجاء في الحديث الطويل في صحيح مسلم عند ذكر أهل النار، فذكر منهم "الضعيف الذي لا زَبْر له[1] الذين هم فيكم تبعًا لا يبغون أهلاً ولا مالاً". فهذا الصنف من البشر قانعٌ بسكوته، ذليل ومسبوق وتابع، وفارٌّ من المسئولية. ونحن نرى في كل يومٍ أمثال هذه الشخصية التي لا تحمل همًّا ولا هدفًا، يتعب في الدنيا وليس له همٌّ في الآخرة.
إن كراهية الموت يء طبيعي، والإنسان يحب البقاء، ولكنه لو بقي فسيكون أمامه مطالب أخرى لا تنتهي، فلا بد في النهاية أن يكون له هدفٌ في النهاية يسعى له، هدف سامٍ يحيا من أجله ويموت من أجله.
الناس في هذه الحياة يتنافسون، الكافر والمسلم. ولكنَّ الرابح هو الذي يبيع نفسه لله، ويحرِّرها من الموبقات والمهلكات.
طريق واحد للتغلب على كراهية الموت، هو نبذ التشبث بالحياة, والتعلق بها، والكفّ عن النظر إليها كما لو أنها باقية مخلدة، وأنها شيء ثمين يجب أن تمتلكه.
وطريق واحد لإبعاد الخوف من الموت هو التفكير في الحياة الكريمة، حياة العمل الجاد لإحياء الأمة وتحرير النفس من شهوة تكديس الأشياء؛ فالحياة العزيزة لا تكون إلا لمن أكرم نفسه وأعزها، والموت أحب إليه من أن يعيش مهيمنًا آلاف السنين.
المؤمن الحق كان اللـه غايتـه *** والله كان لديه السمع والبصرا
الآن أضحى إله المـال كعبتـه *** وخـوفه الموت أفناه وما شعرا
يا مؤمنًا بلقاء الله ما لك في ذعر *** من الموت قد أشبهت من كفرا[2]
المصدر: موقع المسلم.
التعليقات
إرسال تعليقك