دين الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله عز وجل لجميع البشر منذ أن خلق آدم إلى أن تقوم الساعة.. فما بعض محاسن هذا الدين العظيم؟
ملخص المقال
المرأة بين الإسلام والليبرالية مقال يوضح الفارق بين نظرة الإسلام للمرأة وكيف كرمها والنظرة الليبرالية للمرأة وكيف حطت من قدر المرأة
المرأة، كانت وما زالت هي التربة الخصبة التي يستغلها دائمًاً وأبدًا أعداء الدين للنيل من الإسلام العظيم، وفي هذا التحقيق نسلط الضوء على حقوق المرأة في الإسلام، ونحاول جاهدين بعون الله وتوفيقه الرد على التساؤلات التي تشغل الرأي العام والخاص بحقوق المرأة وذلك عبر عدة عناصر نتناولها في السطور القادمة:
أولاً: هل للمرأة الحق في الممارسة السياسية؟
ثانيًا: هل المشروع الإسلامي يعادي المرأة؟
ثالثًا: المرأة بين الإسلام والليبرالية.
رابعًا: يطالبون بما لا يطبقون.
ونشرع بعون الله وتوفيقه في تفصيل هذه العناصر الأربع ...
أولاً: هل للمرأة الحق في الممارسة السياسية؟
الإسلام وضع ضوابط لكل شيء في حياتنا اليومية، وبما أنّ الإسلام دين الشمولية، فالسياسة الشرعية جزء من الدين، فهل الإسلام استبعد المرأة من العمل السياسي؟
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12]، فالبيعة هي صلب السياسة فأجاز الله للنساء المشاركة في البيعة، فكيف لأهل الباطل أن يهرفون بما لا يعرفون ويدّعون أن الإسلام دفن المرأة وأحبط قدراتها؟
وأجمل ما قرأت في التعليق على الآية الكريمة تعليق الأستاذ أبو شقة في كتابه القيم (تحرير المرأة في عصر الرسالة) فيقول: "إن مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم لها عدة دلالات:
الدلالة الأولى: استقلال شخصية المرأة وأنّها ليست مجرد تابع للرجل بل هي تبايع كما يبايع الرجل.
والدلالة الثانية: بيعة النساء هي بيعة الإسلام، والطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه يستوي فيها الرجال والنساء.
والدلالة الثالثة: مبايعة النساء النبي صلى الله عليه وسلم تقوم على أساسين: الأول: باعتباره صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله، والثاني باعتباره إمام المسلمين، ومما يؤكد وجود الاعتبار الثاني قوله تعالى: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]".
كما ذكر الدكتور مصطفى السباعي في كتابه (المرأة بين الفقه والقانون): "الإسلام لا يمنع من إعطائها هذا الحق، فالانتخاب هو اختيار الأمة لوكلاء ينوبون عنها في التشريع ومراقبة الحكومة، فعملية الانتخاب عملية توكيل، يذهب الشخص إلى مراكز الاقتراع فيدلي بصوته فيمن يختارهم وكيلاً عنه في المجلس النيابي يتكلمون باسمه ويدافعون عن حقوقه، والمرأة في الإسلام ليست ممنوعة من أن توكل إنسانًا بالدفاع عن حقوقها والتعبير عن إرادتها كمواطنة في المجتمع".
وبما أنّ الإسلام دين استقامة فلا تكن مشاركة المرأة المسلمة كغيرها من النساء، فللمرأة المسلمة ضوابط تحافظ عليها وعلى سلامة المجتمع من الفتنة، ولا تتعارض هذه الضوابط أبدًا مع حقوقها البشرية وتتلخص هذه الضوابط في الزي الشرعي، وتجنب الخلوة الاختلاط وإذن الزوج وغض البصر وجدية المقال.
والمرأة المسلمة منذ عهد الخلافة كان لها دورًا سياسيًّا بارعًا حتى في دور المعارضة، فقد وقفت امرأة واعترضت على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما حدد المهور فذكّرته بقوله تعالى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20]، فقال عمر من فوق منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصابت امرأة وأخطأ عمر!".
ويعد هذا النموذج الراقي في المشاركة السياسية وفي صنع القرار ودور المعارضة، حكرًا على الدين الإسلامي فحسب، فالقارئ لتاريخ الأديان السابقة الكتابية منها والأرضية لن يجد مثل هذا الرقي والمثالية.
ثانيًا: هل المشروع الإسلامي يعادي المرأة؟
تتغنى الفضائيات العلمانية والليبرالية والصفحات الإلكترونية في الليل والنهار أنّ المشروع الإسلامي والدولة ذات المرجعية الإسلامية تقف وجهًا لوجه أمام المرأة، وتأخذ منها موقفًا سلبيًّا، وتتعامل معها بشيء من التقليل والتحقير، وهذا محض كذب فكما ذكرنا سالفًا بأنّ للمرأة دور في صنع القرار في الدولة المسلمة ولها أن تبايع وتعترض وتشارك، فلا يظن أبدًا من لديه الحد الأدنى من الفهم والوعي أن تطبيق هذا الدين يضيق على المرأة ويكبت حريتها.
ودائمًا أصحاب هذه الأفكار الهدّامة يخلطون بين أمرين في هذا الشأن:
الأمر الأول: حقوق وحرية المرأة في التعاطي مع الأحداث.
والأمر الثاني: الحرية الشخصية للمرأة.
فإن أثبتنا لهم أنّ الإسلام يكفل للمرأة حرية الرأي والإبداع والتعاطي مع الأحداث، سرعان ما ينتقلون إلى الأمر الثاني وهي الحرية الشخصية للمرأة من ملبس وتزين وتبرج وخلوة واختلاط والتعامل معها مثلها مثل الرجل، بدعوى مصطلحات معسولة كالمساواة والكرامة ونبذ التمييز.
ويتناسون أن الإسلام يحافظ على كيان المرأة ويضمن لها السلامة تمهيدًا لإعطائها حقوق وحريات قد تفوق حقوق الرجل، فالمرأة ليست كالرجل، فلو أنفقوا ملء الأرض ذهبًا في المؤتمرات والندوات والجمعيات والحركات النسوية ليرسخوا في أذهان المجتمع أنّ المرأة مثل الرجل، لن يستجيب لهم أحد، لأنّه أمر مرفوض بالفطرة السليمة، فالمرأة لها طبيعتها الفسيولوجية والسيكولوجية وكذلك الرجل، فلا يمكن أن يتماثلان أبدًا.
فالمشروع الإسلامي سيعطي المرأة حقوقًا وحريّات تفوق الحقوق والحريات التي يعطيها لهم المشروع الليبرالي والعلماني، فهو يجعل من المرأة سلعة رخيصة الثمن مستباحة للجميع، وهذا المشروع ما هو إلا عودة إلى الوراء، وعودة إلى التخلف والرجعية والجاهلية، فما جاء الإسلام إلا لينهض بالمرأة ويعلي من شأنها وقدرها في المجتمع.
أما دعواهم بأنّ المشروع الإسلامي يعيد المرأة إلى التخلف والرجعية وغيرها من المصطلحات المقتبسة من قاموس العلمانية والليبرالية والشيوعية، فما هو إلا مرض نفسي يسميه علماء علم النفس بالإسقاط، فيسقطون مناهجهم الرجعية والساقطة على المنهج الإسلامي، ويستغلون جهل المجتمع بتاريخ دينه العظيم مقارنة بتاريخ الأديان والمناهج الأخرى.
ثالثًا: المرأة بين الإسلام والليبرالية:
يعاني دائمًا أصحاب المناهج الليبرالية هوس الحرية والتحرر، ولكن مهلاً يا دعاة الحرية، نريد أولاً التأصيل اللغوي لكلمة الليبرالية؟ وما الفارق بين كلمة liberalism وكلمة freedom؟
فمصطلح freedom يعني الحرية، في شتى المجالات من حرية إبداع ورأي وفكر ومشاركة وهذا لا يمنعه الإسلام على المرأة ولكن يضع لها ضوابط، كما يضع أيضًا للرجل ضوابط للسير في طريق الحرية بما يضمن للدولة والمجتمع الأمن والسلامة.
أما مصطلح liberalism فيعني التحرر، ويأتي أيضًا بمعنى الحرية، ولكن حرية تختلف عن الحرية السالف ذكرها، حرية المقصود منها الانفلات والانحراف والتحرر حتى لو أنكروا هذا، وبالمناسبة الغرب معذورين في هذا كله، فلكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، كما ذكر نيوتن في قانونه، فهؤلاء ظلوا قرونًا من الزمن يعانون من كبت للحريات والتعامل مع المرأة كقطعة أثاث في بيوتهم، والتقوّل والتحدث عن الله سبحانه وتعالى، واتخاذ آبائهم ورهبانهم أربابًا من دون الله وذلك بما كسبت أيديهم، ولتحريفهم لكتب الله السماوية فمن الطبيعي أن يكون رد فعلهم عنيف بهذا الشكل، وكذلك العلمانية كانت رد فعل للدولة الثيوقراطية الكنسية العقيمة والتي حكمت الغرب في العصور الوسطى من القرن الخامس وحتى القرن الخامس عشر من الميلاد أي ألف سنة من الزمان.
ولكن ليس من المنطقي أبدًا أن يصدّرون لنا أفكارهم ومناهجهم وما هي إلا ردود أفعال متخبطة ناتجة عن فشل تطبيق الحكم بشريعتهم، وكذلك ليس هناك مجال أبدًا أن يقارنوا بين الدولة الدينية الثيوقراطية والدولة الإسلامية، فدولتهم يحكم فيها رجال الدين ويسمونه الحكم الإلهي، وبالمناسبة لم يذكر التاريخ مطلقًا أنّ هناك راهبة حكمت أي مدينة أو قرية أو كان لها أي وجود أو أي دور داخل مؤسسات الدولة في العصور الوسطى لا من قريب ولا من بعيد، فالمرأة مهانة في عقيدتهم وتاريخهم، أما مقارنة بالدولة الإسلامية فتعتمد على ثلاث ركائز أساسية، هي اختيار الحاكم - ومحاسبة ومعارضة الحاكم - وعزل الحاكم إن اعوَجّ، وهي الركائز التي تعتمد عليها أي دولة مدنية حديثة مع العلم أنّ للمرأة المشاركة في اختيار الحكام ومحاسبتهم وعزلهم إن اعوجّوا عن طريق الصواب، فعن أي حرية تتحدثون؟
رابعًا: يطالبون بما لا يطبقون:
من المدهش في هذا الأمر أنّ دعاة حرية المرأة ومن يثير شبهات حول حقوق المرأة في الإسلام هو نفسه لا يطبق ما يدعوا إليه..
- فهل رأينا الكرسي الباباوي لأي من الملل النصرانية في الشرق أو في الغرب تعتليه امرأة في العصر الحديث أو القديم؟
- هل رأينا في اليهودية امرأة دين كالحاخامات الذكور؟
- لماذا الدول العظمى يقودها الرجال دون النساء؟
- لماذا المنظمات والاتحادات العالمية كالأمم المتحدة مثلاً يقودها الرجال؟
- لماذا أغلب رؤساء الأحزاب العالمية ووسائل الإعلام من الرجال دون النساء؟
- حتى بعض المراكز الحقوقية المتخصصة في حقوق المرأة يقودها رجال!!
ألا يدعوا الأمر للاندهاش؟
مع العلم أنّ كل مراكز حقوق المرأة ولائها الأول والأخير للغرب، لمن يدينون باليهودية والنصرانية وترتمي في أحضانهم، ولا يخلو مركز من هذه المراكز من التمويلات المشبوهة والدعم السخي الخبيث الموجّه للمرأة المسلمة في عقر دارها من بلاد الحرمين ومصر والشام والخليج!!
فوصل بهم التبجح بأنّهم يحاربون من أجل ترسيخ أفكار في بلادنا هم لا يؤمنون بها أصلاً ولا يطبقونها في بلادهم.
وهذا ما يجعلنا نعيد النظر والتأمل في مثل هذه المنظمات والمراكز والعمل على تغيير المواقف منها.
أسأل الله تعالى أن يقي بلادنا شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.
التعليقات
إرسال تعليقك