أعلن مسئولو إغاثة، أن الأمهات تضطر لترك أطفالهن الذين لقوا حتفهم أو يحتضرون على جنبات الطرق، وهناك حاجة لنحو مليار دولار أخرى للتعامل مع الوضع
ملخص المقال
مجاعة الصومال في ظل الحرب الأهلية ومخططات التقسيم ونداءات الإغاثة، فهل تستحيل الإغاثة إسلاميا؟
الأزمات ليست غريبة عن الصومال منذ طالته يد التمزيق والتقسيم والإضعاف، وهي عادة ما تتراوح بين الحروب والمجاعات، وفي المجمل فإن الضحايا هم من المسلمين الصوماليين.
والحاصل أننا نستقبل أزمة كبيرة في الصومال تتمثل في مجاعة آخذة في الازدياد إلى الحد الذي جعل توجيه نداءات الإغاثة إلى الصومال مسألة ملحة وعاجلة لا تحتمل أي تأخير، وهنا الأزمة لا تسوق لها المنظمات التنصيرية التي تتخذ من العمل الإغاثي ساترًا لها فحسب، بل بلغت مستوى حمل حركة شباب المجاهدين التي تسيطر على مناطق واسعة من الصومال على توجيهها نداء للإغاثة لـ"المسلمين وغير المسلمين"، مشترطة ألا تنطلق المنظمات الإغاثية من "أجندات خاصة"، ما يعني أن الحالة الإنسانية بالفعل على حافة الكارثة، إن لم تكن أوغلت فيها.
الأرقام الرسمية الصادرة عن المنظمات الدولية تقول: إن ثلث سكان الصومال الآن -والبالغ تعداده 8 مليون نسمة- في حاجة إلى مساعدات غذائية، وأن عدد هؤلاء قد ارتفع من 850 ألف نسمة إلى ثلاثة ملايين، وأن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في جنوب الصومال يمثلون 80% من الأطفال، وهي أرقام قد لا تكون دقيقة، لكن ذلك لا يمنع من أن الأزمة في الصومال شديدة البأس، وتسير في اتجاه واقعي تمامًا؛ فحيث تبدو الدول المجاورة -وهي مستقرة- تعاني من مشكلة الجفاف؛ فإن الصومال الفقير والذي يعاني من انعدام الدولة من باب أولى أن تكون معاناته أفظع.
وفي الذهن أن عشرين عامًا ونيفًا من التمزق والحروب الأهلية وضياع كل مظاهر "السيادة" للحكومة الصومالية، وانخراط كثير من القبائل في حروب طاحنة تحت لافتات مختلفة، إضافة إلى الإخفاق في إيجاد حالة من التوافق الإسلامي والوطني في ربوع الصومال، وتقسيم الصومال، أفسدت احتمالات جعل حلول الأزمة الصومالية الغذائية داخلية، كما أنها جعلت مد يد العون الإسلامية والعربية الرسمية وغير الرسمية إليه شبه مستحيلة.
وإذ ظل التناحر على حاله؛ فإن الطريق ستظل معبدة للمنظمات الغربية لتحقيق طموحاتها في هذا البلد المسلم، وتتباطأ من ثَمَّ المنظمات العربية لأسباب تتعلق بالأمن وعجز أو انعدام رغبة دولهم في ضمان أمنهم في بلد يعج بالفوضى والجريمة من جهة، ومن جهة أخرى اتقاءً لشبهات قد تروج عن رعايتها للمجموعات المتناحرة، والتي تضم فصائل موضوعة على لائحة الإرهاب.
بيد أنه مع ذلك يبقى الأمل حاضرًا في انتباه المسلمين والعرب إلى ضرورة التدخل نجدة لهؤلاء الضعفاء الذين لا يستطيعون حيلة في هذه المجاعة القاسية، لا سيما أن ربيع الثورات العربية قد قاد إلى إمكانية كسر الطابوهات الغربية التي تم فرضها على المنطقة دون اكتراث بما تمليه قيم الإسلام على الشعوب والحكام من وجوب نجدة المنكوبين والفقراء، ومنها تلك الجريمة المتمثلة في وضع هيئات ومنظمات الإغاثة الإسلامية ضمن دائرة الشك والاتهام؛ بسبب علاقات قيل إن أحد أو بعض الهيئات القليلة قد نسجتها مع منظمات إرهابية.
ومن ثَمَّ فإن في التوجه الرسمي العربي لا سيما الخليجي غُنْية عن المنظمات في حال أظهرت جدية أكبر في هذا الملف للاعتبارات الإسلامية والإنسانية وحتى الاستراتيجية السياسية، التي تفرض على اللاعبين في المنطقة أن يرفعوا من مستوى اهتمامهم بأمن البحر الأحمر والمحيط الهندي كجزءٍ لا يتجزأ عن أمن الخليج العربي، والحد من التدخلات الإيرانية و"الإسرائيلية" في شئون القرن الإفريقي.
المصدر: موقع المسلم.
روابط ذات صلة:
- الصومال الكبير حلم لا يتحقق
- قصة الصومال بقلم د.راغب السرجاني
- الصومال إلى أين بقلم د. راغب السرجاني
- الصومال بين نشاط المنصرين وغفلة المسلمين
التعليقات
إرسال تعليقك