قبة النسر في الجامع الأموي، والتي تعد من أشهر القباب في العمارة الإسلامية، ورائعة من روائع الحضارة الإسلامية، فماذا عن تاريخها ووصفها ومعالمها ؟
ملخص المقال
أهم ملامح دور بورصة الدور الأول في العمارة العثمانية، والدور المعماري الذي قام به أورخان غازي ومراد الأول وأبايزيد الأول ومحمد جلبي
يقول الباحثون في الفنون المعمارية: إن الدور المعماري العثماني الأول هو الدور الذي يلي الدور التمهيدي، ويُسمى دور بورصة، ويمتد هذا الدور من سنة 726هـ/ 1326م حتى سنة 885هـ/ 1480م. وفي فترة ذلك الدور المعماري العثماني الأول تعاقب على الحكم السلطان الغازي أورخان، والسلطان الشهيد مراد الأول فاتح كوسوفو، والسلطان الشهيد يلدريم أبايزيد الأول، والسلطان محمد جلبي، والسلطان مراد الثاني، والسلطان محمد الثاني فاتح القسطنطينية.
عهد السلطان أورخان غازي:
كانت النقلة المعمارية العثمانية النوعية سنة 726هـ/ 1326م عشية وفاة عثمان الأول وبداية سلطنة ولده أورخان غازي، فبدأ دور معماري جديد، فتطورت العِمارة الإسلامية العثمانية حيثُ فُتِحتْ مدينة بورصة عشية وفاة السلطان عثمان الأول، فاتخذها السلطان أورخان عاصمةً للدولة العثمانية بعد العاصمة الأولى في مدينة يني شِهر، ثم فتح السلطان أورخان مدينة إزنيك المُسماة نيقيا "المقدسة عند الروم"، واستطاع السيطرة على سواحل البحر الأسود وبحر مرمرة، ومع امتداد السلطنة العثمانية إلى المُدن المفتوحة اتسع نطاق العمارة الإسلامية، وازدهرت فنونها.
وأصبحت مدينة بورصة نموذجًا رائعًا للمدينة الإسلامية بكل مكوناتها المتطورة، وقد حذتْ حذو مدينة قونية عاصمة السلاجقة في الأناضول، وبعدما حقَّقَ السلطان أورخان رحمه الله انتصاراته في أسيا قرَّرَ التوجُّه غربًا نحو أوربا لمتابعة الفتوحات، ونشر الحضارة الإسلامية بكل ما فيها محسنات تحقّق المصالح الإنسانية وتدفع المفاسد، وحقّق آماله بفتح مدن الضفة الغربية لمضيق الدردنيل الذي يصل بين بحر مرمرة شمالًا وبحر إيجة جنوبًا.
المنشآت العمرانية عهد أورخان:
ويُعتبر جامع أورخان في مدينة بيلجيك التركية من أهم الآثار المعمارية التي شُيدت في زمن أورخان، إضافة إلى جامع سليمان باشا في مدينة بولاير التي تقع في الأراضي التركية الأوروبية، وبلغ مجموع ما أُنشِئ في زمن أورخان: 157 منشأة عمرانية في آسيا وأوروبا.
ولقد امتدت العمارة العثمانية إلى أوروبا مع الفتوحات إذ كانت بداية العبور العثماني إلى البرِّ الأوروبي في عهد السلطان أورخان بن عثمان الأول سنة 750هـ/ 1349م حيث اجتاز سليمان باشا ابن السلطان أورخان إلى منطقة روملي الأوروبية، ومعه عشرون ألف عسكري، وتم ذلك العبور بواسطة السفن المعادية التي حازتها القوات العثمانية التي وصلت بقيادة سليمان باشا ابن السلطان أورخان إلى مدينة سلانيك التي تقع حاليًا في شمال اليونان.
ومع وصول الجيش العثماني وصل البناؤون والمهندسون العثمانيون وبدأت مسيرة التعمير الإسلامي في شرق أوروبا، وبعد ثلاث سنوات تصدى سليمان باشا للتحالف الصربي - البلغاري، وفي سنة 754هـ/ 1353م أصبحت قلعة جمبة قلعة عثمانية على الشاطئ الأوروبي مقابل جنق قلعة التي تقع في الطرف الآسيوي، وهكذا أصبح للعثمانيين موقع ثابت في الأراضي الأوروبية انتشرت فيه الجوامع والمدارس والجسور والترب المدافن والحمامات، وفي سنة 755هـ / 1354م، فتح قلعة غاليبولي واتخذها قاعدة بحرية عثمانية على الساحل الأوروبي ووصل غربًا حتى نهر مريج، وفتح لولابركاز وجورلا سنة 759هـ / 1358م، ثم توفي الغازي فدفن في القسم البري الأوروبي في بلدة بولاير حيث يوجد قبره ومسجده والنصب التذكاري وغير ذلك من المنشآت المعمارية العثمانية.
وتوجد منشآت معمارية إسلامية منذ العهد المعماري العثماني الأول الذي شهد امتداد الفتوحات العثمانية التي شملت أقضية كشان وإيبسالا من ولاية أدرنة وپرودوستو أي: تكير داغ، وقد بلغت مساحة الأراضي العثمانية في زمن السلطان أورخان حين وفاته سنة 761هـ / 1360م مساحة 95000 كيلومتر مربع.
العمارة العثمانية في عهد مراد الأول:
وبعد وفاة السلطان أورخان خلفَه ابنه السلطان مراد الأول ولي عهده، فثبت أركان الدولة، وقضى على الفتن الداخلية، وفتح أوروبا الشرقية أي: البلقان الكبير "بيوك بلقان"، ففُتِحَتْ مدينة أدرنة سنة 760هـ / 1359م، وأصبحت عاصمة لمنطقة روملي، ثم صارت عاصمة للسلطنة العثمانية بدلًا من بورصة، وتحولت من مدينة بيزنطية متواضعة إلى عاصمة إسلامية عثمانية، لها مقومات المدينة الإسلامية بكل ما فيها من الأبنية الدينية والمدنية والعسكرية، وتطورت كما تطورت مدينة بورصة من قبل، وانتشرت فيها المنشآت المعمارية الإسلامية التي ما زالت شاهدة على عصر ازدهار العمارة الإسلامية العثمانية في أوروبا، وبقيت محطّ عناية السلاطين والخلفاء العثمانيين على مرّ الزمن.
وفي أيام السلطان الشهيد مراد الأول تطورت العِمارة الإسلامية في أوروبا حيثُ قامت المُنشآت الإسلامية في مدينة أدرنة الواقعة في غرب تركيا في القسم الأوروبي، ومدينة فيلبي الواقعة حاليًا في بلغاريا، ومدينة جاليبولي الواقعة في الأراضي التركية الأوروبية، ومدينة ايبسالا التركية الأوروبية، ومدينة اشتب الواقعة حاليًا في شرق مقدونيا، ومدينة نيش الواقعة في جنوب شرقي صربيا، ومدينة سَرَز المُسماة سيروز أيضًا وهي تقع الآن في شمال اليونان.
وكان انتشار العمارة الإسلامية في أوروبا مواكبًا للفتوحات، فقد اجتازت القوات العثمانية نهر مريج أي: نهر مريجسا غربًا في بلغاريا سنة 766هـ / 1365م، فتمَّ فتح مدينة فيلبي ومدينة اسكي زَغْرَا وانتشرت فيهما العمارات الإسلامية، ووصلت القوات العثمانية حتى جبال البلقان، وازاء ذلك دعا البابا أُوربانوس الخامس إلى حملة أوروبية ضد المسلمين العثمانيين فلَبَّى دعوتَه مُلوك المجر وصربيا والبوسنة ورومانيا، ولكن جيوشهم هُزِمت سنة 765هـ/ 1364م أمام القوات العثمانية التي اندفعت غربًا وجنوبًا وشمالًا، ففتحت كدّي آغاج وكومُليجينا وساماكوف و قَوَلَة ودلماسنة، واعترف ملك بلغاريا بتبعيته للدولة العثمانية واتخذ من ترنوفا مركزًا لمُلكه، وفي سنة 772هـ / 1371م وصلت طلائع الجيوش العثمانية حتى سواحل البحر الأدرياتيكي، واعترفت جمهورية ديبروفنيك - راقوسا بالسيادة العثمانية، وسيطر العثمانيون على كارابيرا وپكوستنديل وپنيش وپصوفيا وپمناستر وپكوريجا وپأوهري وپدبرة وپترنوفا وپلوفجا وپبلونا وپزشتوي وپروسجو وپسليسترا وأنشأوا الأبنية الإسلامية في تلك المدن والقرى.
اتسعت مساحة البلدان المفتوحة في عهد السلطان العثماني مراد الأول كما ازداد عدد الدول المعترفة بالحماية العثمانية، فقد اعترف الصرب بالسيادة العثمانية على بلادهم، وسيطر العثمانيون على منطقة تساليا، ووصلوا شمالًا حتى نهر الطونة أي: نهر الدانوب، وجنوبًا حتى آتيكَا، وغربًا حتى ألبانيا، وفي الجنوب الغربي حتى البوسنة التي سمَّوا عاصمتها سراييفو (بوسنة سراي)، ففي سنة 789هـ / 1388م، دخلت القوات العثمانية بلاد البوسنة بقيادة لالا شاهين بيلربيك، وزحف الصدر الأعظم جاندرلي زادة: علي باشا على ضفاف نهر الطونة "الدانوب" فاستولى على ما تبقى من المملكة البلغارية.
وواكبت الفتوحات نهضة عمرانية إسلامية شملت البلاد المفتوحة، ومازال بعض تلك المنشآت قائما حتى الآن في البلدان التي بقيت فيها للمسلمين باقية بعدما تعرضوا للقتل والتشريد والمذابح الجماعية والتصفيات العرقية القائمة على التطرف الديني، وتخريب المنشآت المعمارية أو تحويلها إلى غير مقاصدها، كتحويل المساجد والزوايا والتكايا والمدارس إلى إسطبلات وثكنات عسكرية، وغير ذلك.
ويشهد المؤرخون والآثار العمرانية الباقية على أن العثمانيين لم يكتفوا بالانتصارات العسكرية بل بدأت مسيرة الإعمار الإسلامي برعاية السلاطين والأمراء والقادة العسكريين ورجال الدين الإسلامي؛ وبمواجهة النهضة العمرانية العثمانية قامت حملات تخريب أوروبية، ومنها الحملة الأوروبية التي دعا إليها البابا، وشارك فيها أمراء المجر وبولونيا ورومانيا أي: الأفلاق ومولدوفيا أي: البغدان؛ وبلغاريا، وقاد تلك الحملة بمباركة البابا كلٌّ من ملك صربيا لازار؛ ومساعده ملك البوسنة تفرتيكو، والتقى الأوروبيون مع الجيش العثماني بقيادة السلطان مراد الأول شخصيًا في سهل قوصوا أي: كوسوفو، وذلك في سنة 790هـ/ 1389م، وأسفرت المعركة عن انتصارٍ عثماني ساحق على قوات التحالف الأوروبي، وبعد تحقيق النصر اغتال مقاتل صربي السلطان مراد، فاستشهد في قوصوا، ودفنت أحشائه في كوسوفو في القبر المعروف باسم مشهد (خُداوندكار) وبنيت في ذلك المكان عدة منشآت عثمانية مازالت قائمة حتى الآن، ونُقل جثمانُ السلطان إلى مدينة بورصة الآسيوية التركية فدُفن فيها في ضريح متواضع أعدّه لنفسه قبل مماته، وأوصى بعدم بناء قبة فوق ضريحه تواضعًا منه وتقشفًا والتزامًا بالسنة النبوية المطهرة.
العمارة العثمانية عهد بايزيد الأول الصاعقة:
وبعدما استشهد السلطان مراد الأول رحمه الله تعالى خلفه وليُّ عهده ابنه الأكبر أبايزيد الأول الملقب يلدريم أي الصاعقة، فازدهرت الفنون المعمارية العثمانية في الدور الأول المعروف بدور بورصة نسبةً إلى الحاضرة العثمانية الآسيوية التي كانت محطّ عناية العثمانيين في الدور المعماري الأول.
ووحَّدَ السلطان أبا يزيد الأول بلاد الأناضول، وفتح قلعة آلا شهر "فيلادلفيا" وهي آخر القلاع البيزنطية المفتوحة في الأناضول، وفي صيف سنة 793هـ اجتاز السلطان أبايزيد الأول وجيشه العثماني نهر الطونة أي: نهر الدانوب شمالًا، واجتاح رومانيا وأخضعها للحماية العثمانية؛ كما اجتاح مدينة سلانيك اليونانية سنة 794هـ، وأخذ شبه جزيرة هليكديكا من البيزنطيين، وقطع اتصاله مع مقدونيا، ولم تمضِ سوى سنة واحدة حتى أخضع ما تبقى من الجيوب البلغارية، واستعاد من الصرب مدينة اسكوب أي: اسكوبيا عاصمة مقدونيا.
وفي 799هـ دخل السلطان بايزيد الأول مدينة أثينا عاصمة اليونان فبنى فيها جامعًا، وأخضع بلاد المور بعد انتصاره في نيغوبولي على القوات الأوروبية التي بلغ تعدادها مئة وثلاثين ألف مُقاتل / 130000 بقيادة ملك المجر سيكمُوند، وكانت تتألف من عساكر المجر وفرنسا وإنكلترا وألمانيا وبولونيا والبندقية وإسبانيا وأراغون والباباوية ورودس والنرويج واسكتلندا وجَنَوة، وغير ذلك من الإمارات الأوربية وأسفرت المعركة عن غرق مئة ألف عسكري أوروبي في نر الدانوب وأُسر عشرة آلاف عسكري، وفَرَّ عشرون ألفًا، وممن هرب من الميدان: ملك المجر سكموند، وأمير انجلترا هنري الرابع، وغيرهما من قادة التحالف الأوروبي.
وبعد ذلك الانتصار على ضفاف نهر الدانوب في نيغوبولي حاصرت القوات العثمانية مدينة إسطنبول للمرة الثالثة سنة 799هـ وللمرة الرابعة سنة 801هـ، ولكن هجوم الخبيث تيمور لنك على أنقرة أجبر السلطان أبايزيد الأول على رفع الحصار عن القسطنطينية والتوجه شرقًا لمقاومة جيوش تيمورلنك، ووقع التصادم في أنقرة وأسفرت المعركة عن وقوع السلطان أبايزيد الأول في الأسر، وهُزمت القوات العثمانية، وبعد سبعة أشهر واثني عشر يومًا توفي السلطان أبايزيد أسيرًا في مدينة اكشهر التركية التي تقع قرب مدينة قونية، وذلك في الخامس عشر من شعبان سنة 805هـ / 1403م ، وأرسل جثمانه إلى مدينة بورصة، فووري الثرى هناك بعدما بلغت مساحة الأراضي المفتوحة من البلقان في عهده 441000 كم2 ، وقد انتشرت فيها المنشآت المعمارية الإسلامية العثمانية الدينية للعبادة، والدنيوية من المرافق العامة والجسور والحمامات وغير ذلك.
وفي عهد السلطان يلدريم أبايزيد الأول ازداد العمران الإسلامي في المُدن التي ذكرناها آنفًا، وأنشئت مبانٍ إسلامية في مُدنٍ جديدة هي ديموتوقا وغوملجينا في شرقي اليونان، ودراما في شمالي اليونان، وإسكي زغرا ونيغوبولي، وتيرنوفا في بلغاريا، وسليسترا في رومانيا، وفيزي في تركيا الأوربية. وبهذا يُصبح عدد المُدن الأوربية التي حظيت بالمُنشآت الإسلامية حتى نهاية عهد السلطان أبا يزيد الأول إحدى وعشرين مدينة أوربية. أما منشآت السلطان أبايزيد الأول في أسيا فيعتبر الجامع الكبير "أُوْلُو جامع" في مدينة بورصة النموذج المثالي للفنون المعمارية العثمانية في الدور المعماري الأول من حيث قوة البنان واتساعه وفنونه، ومازال حتى الآن شاهدًا على رُقي الفنون المعمارية العثمانية في ذلك العهد.
عهد السلطان محمد جلبي الأول:
ومن منجزات الحضارة الإسلامية المنجزات العمرانية العثمانية التي مازالت تشكل شواهد حيّة على مواكبة الأنشطة العمرانية للأنشطة العسكرية، ومازالت الأبنية الباقية من الدور العمراني العثماني الأول الذي سُمي دور بورصة تنطقُ بما يثبتُ تلازم القوة العمرانية مع القوة العسكرية. وعودة السلطنة العثمانية بعد انهيارها جرّاء عدوان تيمورلنك هو دليل على حيوية تلك السلطنة.
فبعد انتصار الطاغية تيمور لينك، ووقوع يلدريم أبا يزيد الأول في الأسر، ووفاته تعرضت السلطنة العثمانية للخطر، وفرح الأوربيون لوقوع تلك الفتنة بين المسلمين العثمانيين والمغول مما أخّر فتح القسطنطينية التي أوشك أبا يزيد الأول على فتحها، وأضعفت تلك الفتنة السلطنة العثمانية التي انهارت؛ ثم نهضت من كبوتها بقيادة المؤسس الثاني السلطان محمد جلبي الأول الذي أعاد توحيدها وفرض على التيموريين الاعتراف بها، وبعد تحقيق المنجزات العسكرية قاد محمد جلبي مسيرة العمران انطلاقا من مدينة آماسيا في الآناضول التي كانت قاعدة سلطنته قبل إعادة توحيد السلطنة.
فقد قام محمد جلبي الأول بتوحيد أراضي السلطنة العثمانية في أوربا وآسيا، وبدأ بضم الإمارات المُنشقة التي أحياها تيمور لينك، وتم له ذلك سلمًا وحربا، وعندما قويت دولته فرض سلطته على جزيرة رودس، وجنوة، وقاوم إمارة البندقية، وخاض الأسطول العثماني معركة (جنق قلعة) ضد أسطول البندقية سنة 819هـ / 1416م.
خاف الأوربيون من عودة قوة السلطنة العثمانية، وأصبح سيغموند إمبراطورا في ألمانيا، وساندته المجر والهرسك فوجَّه جيشه ضد العثمانيين، فتصدى له المُجاهد إسحق بيك، ووقعت معركة "ديبوي" في شمال البوسنة، فهُزم الأوربيون، وانتصر العثمانيون، فأعلن دوق الهرسك خضوعه للسلطان العثماني، وبدأ إعمار مدينة سراي البوسنة أي: سراييفو لتكون مدينة إسلامية، وقاعدة للفتوحات، فتم تحوليها من قرية منسية إلى حاضرة إسلامية تحمل سمات المدينة الإسلامية بشكل كامل، واجتاز السلطان نهر الدانوب شمالًا، فاستولى على رومانيا، واجتاحت قواته ميناء تريستا، ووصلت إلى ترانسلفانيا بقيادة المجاهد إسحاق بيك الذي استشهد هنالك.
وبعد سنوات الكفاح توفي السلطان محمد جلبي سنة 824هـ بعدما حكَم منفردًا سبع سنوات وتسعة أشهر وستةً وعشرين يومًا، وكان له من العمر 39 سنة ونقل جثمانه إلى مدينة بورصة ودفن هناك في التربة المشهورة حتى الآن باسم (يشيل تربة) أي التربة الخضراء، وخلّف محمد جلبي ذكرًا طيبًا في نفوس المسلمين لاهتمامه بالحرمين الشريفين، فهو أول سلطان عثماني أرسل الهدية السنوية إلى أمير مكة المُكرمة، وتلك الهدية هي الصُرة.
ورغم الحروب فقد شيد السلطان محمد جلبي العديد من الآثار المعمارية الإسلامية في شتى أنحاء السلطنة العثمانية. ومن جملة أبنية الدَّور المعماري العثماني الأول "دَور بورصة" الأبنية التي شُيّدت في عهد السلطان مُحمد جلبي الأول، ومازالت قائمة في مدينة أدرنة، ومدينة غاليبولي، ومدينة ديموتوقا.
ويعتبر السلطان محمد جلبي الأول بمثابة المؤسس الثاني للسلطنة العثمانية بعد المؤسس الأول عثمان الأول، وقد ظهر التأثير الإيجابي لعهد السلطان محمد جلبي في المنجزات العمرانية العظمى التي أنجزها ولي عهده وخليفته السلطان مراد الثاني والد السلطان محمد الثاني فاتح القسطنطينية.
مجلة الحياة اللندنية، الأعداد المنشورة بتاريخ: 3 و 4 و 5 رمضان 1428هـ / 15 و 16 و 17 سبتمبر 2007م، ص21.
التعليقات
إرسال تعليقك